الاثنين، 19 أبريل 2010

حديث القمر




حديث إلى القمر

نعم .... فهو حديث إلى تلك الصورة المتلألأة في بطن السماء , إلى هذا الجمال الذي يطل علينا من فوق السحاب , إلى تلك المكانة المرموقة التي احتلها هذا المخلوق الجميل

ذلك الحديث ليس بالحديث القصير أو العابر,

هو حديث طويل بطول أيامي منذ بدأت أعرف المعاني و الأحاسيس

لم يكن مجرد حديث عابر أوحاه الألم الذي قد يعتصر قلب المرء لفراق محبوبته , أو موت قرينته

و لم يكن كذلك حديث من يذكر القمر إذا كان مع عشيقته أو جاءته نظرة جمالية فجأة

و لكنه حديث من صاحب هذا القمر و عرفه و أبصر بالليل- كباقي المخلوقين- و زاد عليهم برؤيته نهارا في تلك الظلال التي تلقيها أشعة الشمس فتصنع من تلك الأشياء ظلا جميلا باردا بعيدا عن أشعة الشمس المحرقة و الملتهبة

ناديته ذات مرة برقة و غبطة

و قلت له: أرأيت أيها القمر كيف ينتظرك عشاقك بكل لهفة , ترتفع إليك أنظارهم و تشرأب لك أعناقهم يتهامسون في وجودك , يخافون أن يخفضوا أعينهم عن رؤيتك ليس خوفا من عقابك و لكن إجلالا لجمالك

أرأيت أيها القمر كيف حالهم عند فقدانهم لك في النهار؟

لا بد و أنك لا تعرف بحالهم أيها القمر , إذ كيف تعلم ثم تتركهم طول النهار بطوله؟

دعني أخبرك أيها القمر بحالهم و لكن اعذرني أن كنت ستتألم عند سماعك لحالهم

أيها القمر يا رمز الرقة و الجمال..........

هؤلاء العشاق حالهم في النهار لا تسر و لا تفرح , هامدة أجسادهم , ضائعة نظراتهم , شاردة أذهانهم , متعلقة قلوبهم..... و لكن بمن تعلقت؟

إنها تعلقت بك أيها القمر لقد أسرت قلوبهم و أوثقت رباطها و أخذتها معك أثناء دورانك فظلت تدور معك طول النهار في مسارك حتى ترجع مرة أخرى إلى أجسادهم بالليل

أيها القمر الرقيق....

أرجوك لا تبكي بعد سماع أحوالهم , فإنك عندنا غال و نورك الرقراق ثمين................ فكيف بدموعك؟

لا تبكي فدمعة واحدة منك قد تكلف هؤلاء الكثير, قد تكلفهم حياتهم حزنا أنهم أحزنوك!!!!!!!!!!!

إنهم يقدرون أنه لا بد لك من المسير , هم يقدرون أنه لا بد لك أن تفارقهم طول النهار

هم ليسوا من ذلك النوع الأناني الذي يطمع في الإستحواذ عليك منفردين بك

هم يعلمون أن لأناس آخرين حقا فيك

أيها القمر

علمت شعورنا تجاهك و نحن نعلم شعورك تجاهنا

نعم فهذا بهاء نورك ينتشر على صفحة المياه في النيل المبارك في هدوء الليل ليضفي جوا من السعادة و البهجة و الطمئنينة و السلامة

أيها القمر

هناك أناس ذكرهم كذكرك , يعيشون أقمارا يشعون نورا على باقي المخلوقات فتسعد بهم المخلوقات و تتلهف إلى لقائهم

و يموتون و هم أيضا أقمارا , في المواقف تجد ذكراهم تدوم , و أقوالهم يهتدي بها الحائرون و على أفكارهم يتتابع المناصرون

و في الختام أعتذر للأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي لأن القمر ليس ملكا له فقط ليحتكر حديثه