الأربعاء، 19 مايو 2010

رسائل الأحزان




هي رسائل إلى هذا الضيف الذي كثيرا ما يحط رحله عند منزلي

هي رسائل إلى هذا الضيف الأسود الذي طالما يحب أن يأتي في سواد الليل

هي رسائل إلى هذا الضيف الذي طالما يسعد باصطحاب مرافقيه من الكآبة و شغل البال و الإضطراب و الحيرة حين ينزل على بيت من البيوت فيصيّرَها خرابا بعد عمران , أطلالا بعد بناء و سكان , خيالا بعد أعيان

أقول لك أيها الضيف......................أيتها الأحزان

اعلمي بأنني كريم كرم من لا يمل الضيفان , و جواد جود من لا يخشى فقرا

من لا يخشى أن تجف عين الماء عنده أو أن تيبس أرضه

أيها الضيف...............اعلم بأني ربما سكبت دمع عيني في كأس لأرفعه إلى فيِّ محتاج ظمآن و ربما أهرقتُ دمي لأنقذ به عطشانا مشرفا على الهلاك

و لكن ليس معنى ذلك أيها الضيف أني سفيهٌ , لا أعلم أحوال الضيفان

فاعلم أني علمت حالك منذ أول وهلة قدمتَ علي فيها

أنت لست بحاجة للضيافة , أنت لست بحاجة للإكرام و الجود

أنما أنت مثل من يسأل الناس الصدقة و هو غني لا يحتاج

أنت مثل ريح الهلاك تأتي محملة ...........................و لكن محملة بالعذاب

أنت مثل أمطار الإغراق ......................... ربما تأتي لتغرق العطشى و الجوعى و هم في حاجة للإرتواء

اعلم أيها الضيف الأسود........ أنني لست من ذلك النوع الذي يفرق بين المخلوقات بسبب لونهم

كلا و الله , و ما وصفتك بالسواد إلا لقول الحقيقة – تلك اللفظة المفقودة في عالم الواقع اليوم – و طالما بحثت عنها و أرهقني البحث

نعم الحقيقة و الحقيقة فقط بلا تزوير و لا خداع و لا تزويق و لا تحريف و لا تأويل

اعلمي أيتها الأحزان السوداء ...................

أن نهايتك على يدي ,

و قبرك قد تم حفره بكفي,

و دفنك سيتم في سواد الليل الذي تعشقينه بلا مشيعين و لا باكيين عليك

و خبرك سيذاع مصطحبا كل ألوان الفرحة في كل وسائل الإعلام

فأنت قد أقحمت نفسك في عرين الأسود

تلك الأسود التي استعدت لك كفريسة منذ أمد بعيد

قد حانت اللحظة التي ينتظرها كل العالم

قد حان أن تسود السعادة كل الأرجاء

أيتها السعادة التي طالما اختبئت سنين ................... اظهري من جديد

ادخلي كل بيت

مرحبا بك في كل وقت

انتشري مع أشعة الشمس الذهبية

طيري مع نسمات الهواء الذكية

غردي أيتها الطيور التي نسيت معنى التغريد من سنين

رفرفي أيتها الحمامة البيضاء فوق رأسي من جديد

ارقصي أيتها الأشجار فاليوم يوم عيد

ابتسمي أيتها الشمس لم يعد هناك تهديد

اكتمل يا وجه القمر فالكل قد ارتدى الجديد

هفهفي أيتها النسمات الجميلة بهذا العطر الفواح الأصيل

إعتذار واجب:

أعتذر للأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي لإقتباسي عنوان كتابه في مقالي

و لكن ما الحيلة و هو يتكلم في أشياء مشتركة بين البشر جميعهم و ليست أشياء حكرا عليه فقط!!

الأربعاء، 12 مايو 2010

نعم الأصدقاء


في الحقيقة لا أدري كيف أبدأ و لا من أين أبدأ و لا أدري ما هذا الشعور الذي ينتابني في هذه اللحظات

تمنيت ألا أمسك بالورقة والقلم في هذه الساعة حتى لا يخرج مني على الورق ما لا أحب أن أراه في تلك البقعة الغالية

نعم فالورق رقعة ( أحسبها لها مكانة في كل الأديان و لا أريد أن أصفها بالمقدسة إلا إذا ثبت لدي دليل)

و لكن كما هو الحال معي حينما تضييق الدنيا أمام ناظريي أراها قد ألجأتني إلى ذلك الصديق الوفي الذي طالما بثثته همومي و شكواي

طالما تحمل معى الكثير و الكثير

نعم هو هذا القلم الذي لا أحمله بين أصابعي فحسب بل أحمله في قلبي ينبض بكل نبضة في جسمي

ذلك الصديق الذي لا يمل حديثك بل و لا يمل من تنفيذ ما تأمره به

يفهم ما تريد

يشاركك في أحاسيسك

إذا كنت حزينا تراه يخرج حبرا أسودا و كلمات كئيبة مشاركة لك في ألمك

أما إذا كنت سعيدا

فيا له من صديق وفي تجده في كل صفحة و ورقة يرسم وجها باسما و قلبا مشتاقا فرحا يكتب بحبر أحمر فاتح لم تر عينيك أفضل منه

و أوفى من رأيت أنا و صديقي القلم هو الورق

فكم تحملت من معاناتي

و كم اسودت بكلماتي لتغسل الحزن من داخل قلبي و تشربه هي بكل جسدها

يااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه

كل هذه الهموم قد تحملتها أيتها الورقة البيضاء القلب النقية الظاهر و الباطن؟

يااااااااااااااه أيتها الورقة التي طالما ألجأ إليك في معظم أحياني تخففي عني ما أجد من عبس و كرب وشدة و ضيق

لك أن تتصوري كيف يصير حالي بعد أن أبثك كل همومي

ياااااااااااااااااااااه لبرودة ملمسك الذي يطفأ النار المتوجهة في النفوس

و يااااااااااااااااااااااااه لجمال منظرك الذي يبعث على السرور

و ياااااااااااااااااااااااااه لبياض سريرتك التي تذكر بالنبلاء الذين سمعنا عنهم من عصور

حقا ................ نعم أنتم خير أصدقاء

و لكن يا ورقتي المحبة ما هذه الطبيعة التي زرعت فيك لتتحملي كل هذا بكل هذا الترحاب و السرور

و مالك يا ورقتي لا أجدك في يوم من الأيام قد اسودت سريرتك أو تغيرت من كثرة ما تشربين من هموم؟

كلما أقلب صفحة من أوراقك أجده بيضاء نقية

و ما هذه الطبيعة التي زرعت فيك أيها القلم لتجعل منك حق الصديق الذي يستمع و ينفذ بدقة كل ما يطلبه منه صاحبه؟

ألم تمل من كتابة التجارب المتكررة؟

ألم تشعر يوما بالتعب و الإرهاق من كثرة المشي فوق السطور و تعلن العصيان و عدم الكتابة؟

كيف بك و أنت تضحي بنفسك من أجل أن تنفذ ما يطلبه منك الآخرين؟

ما هذا الإيثار الذي يتولد فيك دائما؟

هل حقا نحن – بني البشر – محقين فيما نرى أنفسنا معلمين و مخترعين للأشياء أم أننا نحتاج أن نتعلم من الأشياء؟

أرى أننا نحتاج حقا أن نتعلم من كل الأشياء

نحتاج حقا أن نتعلم الصداقة الحقة من القلم و الأوراق

نحتاج أن نبذل بدون انتظار للرد

أن نموت من أجل المبادئ بدون تفكير في الغد

أن نحيا بالمبادئ بدون تفكير في الغدر

هل حقا يمكننا أن نتعلم أم أن هذه كلمات مجردة على أوراق خرساء لا تجد من يعمل بها أو يطبقها ؟

لا أدري هل الأوراق هي التي خرست ألسنتها

أم أننا نحن الذين صمت آذاننا و ابيضت أعيننا؟

أسأل الله العافية و العفو انه عفو غفور

سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين

الاثنين، 19 أبريل 2010

حديث القمر




حديث إلى القمر

نعم .... فهو حديث إلى تلك الصورة المتلألأة في بطن السماء , إلى هذا الجمال الذي يطل علينا من فوق السحاب , إلى تلك المكانة المرموقة التي احتلها هذا المخلوق الجميل

ذلك الحديث ليس بالحديث القصير أو العابر,

هو حديث طويل بطول أيامي منذ بدأت أعرف المعاني و الأحاسيس

لم يكن مجرد حديث عابر أوحاه الألم الذي قد يعتصر قلب المرء لفراق محبوبته , أو موت قرينته

و لم يكن كذلك حديث من يذكر القمر إذا كان مع عشيقته أو جاءته نظرة جمالية فجأة

و لكنه حديث من صاحب هذا القمر و عرفه و أبصر بالليل- كباقي المخلوقين- و زاد عليهم برؤيته نهارا في تلك الظلال التي تلقيها أشعة الشمس فتصنع من تلك الأشياء ظلا جميلا باردا بعيدا عن أشعة الشمس المحرقة و الملتهبة

ناديته ذات مرة برقة و غبطة

و قلت له: أرأيت أيها القمر كيف ينتظرك عشاقك بكل لهفة , ترتفع إليك أنظارهم و تشرأب لك أعناقهم يتهامسون في وجودك , يخافون أن يخفضوا أعينهم عن رؤيتك ليس خوفا من عقابك و لكن إجلالا لجمالك

أرأيت أيها القمر كيف حالهم عند فقدانهم لك في النهار؟

لا بد و أنك لا تعرف بحالهم أيها القمر , إذ كيف تعلم ثم تتركهم طول النهار بطوله؟

دعني أخبرك أيها القمر بحالهم و لكن اعذرني أن كنت ستتألم عند سماعك لحالهم

أيها القمر يا رمز الرقة و الجمال..........

هؤلاء العشاق حالهم في النهار لا تسر و لا تفرح , هامدة أجسادهم , ضائعة نظراتهم , شاردة أذهانهم , متعلقة قلوبهم..... و لكن بمن تعلقت؟

إنها تعلقت بك أيها القمر لقد أسرت قلوبهم و أوثقت رباطها و أخذتها معك أثناء دورانك فظلت تدور معك طول النهار في مسارك حتى ترجع مرة أخرى إلى أجسادهم بالليل

أيها القمر الرقيق....

أرجوك لا تبكي بعد سماع أحوالهم , فإنك عندنا غال و نورك الرقراق ثمين................ فكيف بدموعك؟

لا تبكي فدمعة واحدة منك قد تكلف هؤلاء الكثير, قد تكلفهم حياتهم حزنا أنهم أحزنوك!!!!!!!!!!!

إنهم يقدرون أنه لا بد لك من المسير , هم يقدرون أنه لا بد لك أن تفارقهم طول النهار

هم ليسوا من ذلك النوع الأناني الذي يطمع في الإستحواذ عليك منفردين بك

هم يعلمون أن لأناس آخرين حقا فيك

أيها القمر

علمت شعورنا تجاهك و نحن نعلم شعورك تجاهنا

نعم فهذا بهاء نورك ينتشر على صفحة المياه في النيل المبارك في هدوء الليل ليضفي جوا من السعادة و البهجة و الطمئنينة و السلامة

أيها القمر

هناك أناس ذكرهم كذكرك , يعيشون أقمارا يشعون نورا على باقي المخلوقات فتسعد بهم المخلوقات و تتلهف إلى لقائهم

و يموتون و هم أيضا أقمارا , في المواقف تجد ذكراهم تدوم , و أقوالهم يهتدي بها الحائرون و على أفكارهم يتتابع المناصرون

و في الختام أعتذر للأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي لأن القمر ليس ملكا له فقط ليحتكر حديثه

الجمعة، 12 فبراير 2010

أطفال الشوارع ضحايا يحتاجون إلى المساعدة !!




السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
من المناظر المألوفة في شوارع مصر المحروسة - تقريبا في المدن - أن تشاهد مناظر هؤلاء الصبية

تجدهم في إشارات المرور يتسولون ربما يخطفون شيئا و يجرون و تجد أكثرهم احتراما يبيع لك كيس مناديل و بوكيه ورد

و إذا نزلت إلى الشوارع في الصباح الباكر تجدهم على الأرصفة ينامون و سبحان الله تجدهم يغطون في نوم عميق - لا أدري كيف بدون ما يغطيهم من برد الشتاء و لا ما يحميهم من حتى كلاب الليل.
و أكثر ما يزيد ألمي حين أجد على الرصيف ينام طفل من هذه الأطفال و بجانبه سيارة فارهة تسوي الكثير و الكثير من ألوف الجنيهات نعم فهذه السيارة تدل بوضوح على أن الأمة فيها الأثرياء و الأغنياء و بجانبها يتجسد الفقر و التشرد و الضياع , لا مستقبل و لا هدف , إنما عيش كعيش البهائم - آسف لا أقصد أن أسبهم و لكني قصدت تشبيه العيشتين - يقومون و ينامون و حياتهم لا قيمة لها

و كثيرا ما أجد و أشاهد هؤلاء الصبية التي لم تتجاوز أعمارهم مرحلة الطفولة و هم يهربون من الشرطة و الشرطة تلاحقهم
بل إن معظم الناس تنظر إليهم نظرة اللوم و الإتهام
و الحقيقة أن هؤلاء الأطفال ليسوا جناة بل ضحايا
ليسوا لصوصا بل هم من سرقت أعمارهم و حياتهم
ليسوا شحاذا بل يريدون نيل بعض حقوقهم
ليس عليهم لوم بل اللوم على مجتمعهم
أنا هنا لا أبرر تصرفاتهم العدوانية و لا أدافع عن بعض سرقاتهم و لكني أدعو إلى تغيير النظرة إليهم حتى نستطيع علاج هذه المشكلة
و أول علاج لهذه المشكلة أن نعلم ما الأسباب التي أدت إلى هذه الظاهرة
أنا أرى الأسباب تكمن في أمرين اثنين
أولهما : انتشار الزنا و الدعارة و الفساد و الإباحية و الفساد الإعلامي الذي يؤجج الشهوات و يكشف العورات مما يساعد على زيادة حالات الإغتصاب و الوقوع في المحرمات
ثانيهما : عدم مسؤلية كثير من الأزواج ( بمعنى أن أحد الزوجين أو كلاهما يكون غير مؤهل لأن يكون أبا) و كثير من هذه المسؤلية و عدم توفرها يرجع إلى المسؤلية المادية
فتجد الأب لا يستطيع الإنفاق على أسرته فيتركهم و يذهب بدون أن يعرفوا وجهته مما يؤدي أحيانا إلى انشغال الأم بأي نوع من الأعمال ينتج عنه فراغ اجتماعي لدى هؤلاء الأطفال فيلجئون إلى الشوارع و صحبة السؤء تجرهم بعيدا عن البيت و المدرسة فتنشأ هذه الظاهرة
و أحيانا تكون هذه المسؤلية متمثلة في المسؤلية الإجتماعية لدى الوالدين بمعنى أن يكون أحد الوالدين ليس عنده المسؤلية الإجتماعية من تفاهم مع أبنائه و سماع لوجهات نظرهم و التحاور إنما يكون عنده بدلا من ذلك الضغط المتتابع على أبنائه و أحيانا الضرب بلا مبرر أو على أتفه الأمور و هكذا فتصير الحياة بالنسبة للطفل لا تطاق فيلجأ إلى الشارع هروبا من هذه الحياة ثم يتحول وحشا مفترسا منتقما من أبويه و هذا الإنتقام يتمثل في الإضرار بأناس قد لا يعرفهم و لكنه يمثلون في خياله أشباه لأبويه

و أنا أحكي عن تجربة لي مع أحد هؤلاء الأطفال
قابلني و سألني أن أعطيه مالا لكي يفطر - و كنا بعد العشاء - و ظل يلح في السؤال
و أنا قد صدمتني تلك الكلمة ( أنا عاوز أفطر و الله ما أكلتش حاجة النهارده خالص) كنا بعد العشاء في الصيف يعني تقريبا الساعة العاشرة ليلا
فتوقفت له و سألته عما يريد أن يأكله
قال لي : أي حاجة بس آكل
فقلت له : أي حاجة زي ايه يعني؟ أنا كمان عاوز آكل فممكن نآكل سوا( أنا أقول ذلك لأستشف منه ان كان صادقا أم لا )
فقال لي : مثلا أجيب فطيرة أو أي حاجة من عند الفطاطري
قلت له : كويس
فتهلل وجه الولد و ظن أنه قد أقنعني و أني سأعطيه نقودا
ففؤجئ به أني أخبره بأني سآتي معه لأشتري له ما يريد و لكن لن أعطيه نقودا في يده ( خفت أن يشتري بها كوكو الصغير- السجاير يعني)
فظل يلح علي أن أعطيه النقود و أذهب أنا حتى لا أتعطل و لكني أصررت عليه أن أذهب معه للمحل
و سرنا و قد وضعت ذراعي على كتفه و سرنا تقريبا ربع الساعة نتحدث
و الولد ظل يؤلف لي القصص عن نفسه و عن أهله و كيف أنه ابن عائلة طيبة من صعيد مصر غير أن أهله كلهم قد ماتوا
و الكلام يظهر أنه كذب لكن الولد لا يتردد و لا يلجلج و حينما أعارض قوله بقوله الآخر أجده يخرج من المأزق بكل سهولة و الحقيقة أنا في داخل نفسي أعجبت بهذا الولد الذي - حسب ظني - لم يتجاوز العشر سنوات
و في معرض الكلام سألني هل ممكن أن أكون ضابطا شرطيا فأخبرته أن لا
فسألني عن والدي فأجبته إن نعم ( يعني ضابطا)
فانقلب الولد فجأة علي ....
و لن أحكي لكم عما حدث لكن يكفيكم أن تعلموا كيف يمكن لشخص يبيت في الشارع أن ينقلب بالسب على انسان آخر
في الحقيقة أصبحت في موقف لا أحسد عليه!!
ماذا أفعل؟!!!
انسحبت بهدوء و ظللت أفكر لماذا هذا الإنقلاب
فعلمت أن هؤلاء الأطفال بينهم عداوة و بين الشرطة و عندما أجبت هذا الولد بالإثبات أن والدي ضابطا تحركت فيه كل الملفات المخزنة في باطنه ضد الشرطة و انقلب عليََّ فجأة

المهم حتى لا أطيل عليكم
يظل السؤال حائرا : ماذا نفعل لعلاج هذه المشكلة؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

الثلاثاء، 9 فبراير 2010

أفكارنا : من أين ؟ و إلى أين ؟





أفكارنا من أين اكتسبناها و إلى أين توجهنا؟
هذا سؤال سألته لنفسي عندما شاهدت هذه الأفكار المتناحرة و المتعددة تلك الأفكار التي لا تعد و لا تحصى
فأصبحنا في مصر لدينا 80 مليون فكر بعدد سكان مصر شاملة الأطفال الرضع
أيضا هؤلاء الرضع أصبحوا أصحاب فكر مستقل فتارة ترى ذلك الرضيع يبكي لطلب الحاجة و أحيانا أخرى يضحك و ذلك الرضيع يختلف مع هذا الرضيع في سلوكه و فكره
هذا الأمر بالنسبة للرضع فما بالكم بالبالغين؟!!!
في الحقيقة أنا تربيت على فكر معين و ظللت عليه سنين طويلة أؤمن به و لا أرى غيره الصواب

ثم بدأت أنفتح أكثر و أكثر و أطلع إلى الأفكار الأخرى مع كامل اقتناعي بصواب أفكاري

ثم حدثت الإنفتاحة الكبرى و ذلك يوم أن انتقلت للعيش في القاهرة

فرأيت تصارع الأفكار و الخواطر و رأيت اختلافها اختلافا جذريا فرأيت العلماني و تعاملت معه و رأيت الإلحادي و اختلطت به و رأيت من هو خليط بين بين و رأيت اليميني و شاهدت أفكارا هي أقرب إلى أفكاري و ان كانت- في نظري - تخطأ مرة و تصيب مرات
في البداية لم أستطع التعامل المباشر مع كل هذه الأفكار و لا المناهج فتخبطت تعاملاتي معهم فتارة أهاجمهم و تارة أسايرهم و تارة أسمع منهم لأعرف ماذا يعتقدون
تارة أجيب دعواتهم للعزائم و اللقاءات و تارة أهجم عليها مرات و مرات
أنا أصنع كل هذا و أعتقد أن عندي فكرا راسخا يقوم على أصول سليمةو لكن حب معرفة المجهول و عدم معرفة كيفية التعامل معه كان هو الذي يحدد طريقة تصرفاتي تجاه هذه الأفكار

ثم حينما رأيت ذلك و جلست أتفكر في كل هذه الأفكار قفزت في ذهني تلك الصورةالتي وضعتها في أول هذا المقال
و جدت أننا الآن في أزمة مرورية
نعم هي أزمة مر ورية و لكن ليست بالنسبة للسيارات و المشاة و لكن أزمة مرور الأفكار و المذاهب و الإتجاهات


ثم فكرت أكثر فوجدت أيضا أنه مادام هناك أزمة لابد أن توضع قوانين لتنظيم هذه الأزمة و لحلها
أنا هنا لا أدعو إلى الحجر على أصحاب الأفكار و لا إلى إخراس جميع الأصوات المخالفة و لكني أدعو فقط إلى الإتفاق على قوانين و نظم محددة يمكن أن تنتظم داخلها كل هذه الأفكار

لابد من وضع إطار عام تسير عليه كل الأفكار

و في رأيي أن يكون هذا الإطار ضمن إطار ديننا الإسلامي و حقوق الإنسان

هذا الإطار لابد من الإتفاق عليه قبل تنفيذه حتى يعم النظام و السلام على الجميع

و إلا فإن الإلتحام و التصارع لابد له من الحدوث بدون الإتفاق على إطار عام تسير فيه الأفكار لتصبح حركة السير سهلة ميسورة

و تقبلوا فائق تحياتي